Kouki Chouayb عضو فعًال
عدد الرسائل : 60 العمر : 34 المهنة : football المستوى التعليمي : الأولى جامعي الهواية : إما أمارس المسرح أو ألعب كرة القدم تاريخ التسجيل : 16/12/2008
| موضوع: تركيب الذرة الثلاثاء 12 يناير - 10:44 | |
| إن الهواء والماء والجبال والحيوانات والنباتات وجسمك والكرسي الذي تجلس عليه، وباختصار، كل شيء تراه، وتلمسه، وتشعر به من أثقل الأشياء إلى أخفها مكون من ذرات وتشتمل كل صفحة من صفحات الكتاب الذي تمسك به في يدك على بلايين الذرات والذرات هي جسيمات دقيقة جداً يستحيل أن يراها المرء حتى باستخدام أقوى الميكروسكوبات ويبلغ قطر الذرة نحو جزء من مليون جزء من المليمتر ولا يمكن للإنسان أن يتصور هذا الحجم لذلك، دعونا نحاول أن نفسره بمثال تخيل أنك تحمل مفتاحا في يدك لا شك في أنك من المستحيل أن ترى الذرات الموجودة في هذا المفتاح وإذا قلت إنك ينبغي أن ترى الذرات، فيجب عليك حينئذ أن تكبر المفتاح الموجود في يدك حتى يصل إلى حجم العالم وبمجرد أن يصبح المفتاح الموجود في يدك بحجم الأرض، تكون كل ذرة من الذرات الموجودة داخل المفتاح بحجم حبة الكرز(1) دعونا نضرب مثالاً آخر لفهم مدى دقة الذرات وكيف أن كل مكان وكل شيء مليء بالذرات: لنفترض أننا نريد أن نحصي جميع الذرات الموجودة في حبة ملح واحدة، ولنفترض أيضا أننا قادرون أن نحصي بليون(1,000,000,000) ذرة في الثانية على الرغم من مهارتنا الكبيرة، فإننا نحتاج إلى أكثر من خمسمائة سنة لنحصي عدد الذرات الموجودة داخل حبة الملح بالغة الصغر(2) إذن، ماذا يوجد داخل هذه البنية الصغيرة؟ على الرغم من أن حجم الذرة صغير جداً، فإنها تحتوي على نظام فريد ومعقد وخال من الأخطاء يمكن مقارنته من حيث التطور بالنظام الذي نراه في الكون ككل. مجموعة من ثلاثة كواركات – تكوِّن بروتوناً- في قلبها أوتار تتكون البروتونات والإلكترونات من مجموعات ثلاثية الكواركات. ذرة وتتكون كل ذرة من نواة وعدد من الإلكترونات تتحرك في أغلفة مدارية تبعد مسافة كبيرة جدا عن النواة وتوجد داخل النواة جسيمات أخرى تسمى البروتونات والنيوترونات وفي هذا الفصل، سنلقي نظرة على التركيب غير العادي للذرة التي تمثل أساس كل شيء حي وغير حي، وسنرى كيف تتجمع الذرات لتكون جزيئات وفي النهاية، مادة. القوة الخفية في النواة توجد النواة في وسط الذرة بالضبط وتتألف من عدد معين من البروتونات والنيوترونات حسب خصائص تلك الذرة ويبلغ نصف قطر النواة نحو جزء من عشرة آلاف جزء من نصف قطر الذرة وللتعبير عن ذلك بالأعداد، يبلغ نصف قطر الذرة 10-8(0,00000001) سم، في حين يبلغ نصف قطر النواة 10-12 (0,000000000001) سم ومن ثم، يساوي حجم النواة جزءاً من عشرة بلايين جزء من حجم الذرة وبما أننا لا نستطيع أن نتصور هذا الاتساع (من الأفضل أن نقول: الدقة)، دعونا نرجع إلى مثالنا الخاص بحبة الكرز فلنبحث عن النواة داخل الذرات التي تصورناها في حجم حبة الكرز عندما تم تكبير المفتاح الموجود في يدك حتى أصبح في حجم الأرض ولكن مثل هذا البحث لن يكون مجدياً، لأنه حتى بهذا المقياس، يستحيل علينا تماماً أن نرى النواة، التي ما زالت صغيرة جداً وإذا أردنا حقا أن نراها، يجب علينا أن نغير المقياس مرة أخرى إذ ينبغي أن تتمدد حبة الكرز التي تمثل ذرتنا مرة أخرى وتصبح في حجم كرة قطرها مائتا متر وحتى بهذا المقياس الذي لا يصدق، لن يزيد حجم نواة ذرتنا عن حجم حبة غبار صغيرة جداً (3) وعندما نقارن نصف قطر النواة البالغ 10-12سم بنصف قطر الذرة البالغ10-8 سم، سنصل إلى النتيجة التالية: إذا افترضنا أن الذرة كرة وأردنا أن نملأ هذه الكـرة كلها بالـنوى، فسنحتاج إلى10-15 (0,000000000000001) نواة (4) ومع ذلك، يوجد شيء آخر أكثر إثارة للدهشة؛ فعلى الرغم من أن حجم النواة يساوي جزءاً من عشرة بلايين جزء من حجم الذرة، فإن كتلة النواة تشكل 99,95--xx--/FONT>من كتلة الذرة كيف يعقل أن شيئاً يكاد يشكل كتلة معينة بأكملها، في حين أنه، من ناحية أخرى، لا يكاد يشغل أي حيز؟ السبب يكمن في أن الكثافة المكونة لكتلة لذرة ليست موزعة بالتساوي على الذرة بأكملها، وهو ما يعني أن كتلة الذرة كلها تقريباً مجمعة في النواة· فلنقل أن لديك منزلاً مساحته 10 بلايين متر مربع وأنك مضطر لأن تضع جميع أثاث المنزل في غرفة مساحتها متر مربع واحد هل تستطيع أن تفعل ذلك؟ بالطبع لن تستطيع ولكن النواة الذرية تستطيع أن تفعل ذلك بفضل قوة هائلة لا تشبه أية قوة أخرى في الكون وهذه القوة هي ''القوة النووية الشديدة''، إحدى القوى تتكون البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة من جسيمات أصغر تسمى الكواركات الأساسية الأربع في الكون التي ذكرناها في الفصل السابق· لقد أشرنا إلى أن هذه القوة، أشد القوى في الطبيعة، تحافظ على النواة سليمة وتمنعها من التجزؤ إلى قطع صغيرة· إذ إن جميع البروتونات في النواة شحناتها موجبة، ومن ثم فهي تتنافر عن بعضها البعض بسبب القوة الكهرومغناطيسية ومع ذلك، تصبح هذه القوة الكهرومغناطيسية بلا فعالية نتيجة للقوة النووية الشديدة، التي هي أقوى 100 مرة من القوة التنافرية بين البروتونات، وهكذا تظل البروتونات متماسكة ولتلخيص ما سبق، توجد قوتان عظميان تتفاعلان مع بعضهما البعض داخل الذرة التي هي من الصغر بمكان بحيث يتعذر علينا رؤيتها وتستطيع النواة أن تحافظ على تماسكها ككل بفضل القيم الدقيقة لهاتين القوتين وعندما نتأمل حجم الذرة وعدد الذرات الموجودة في الكون، يستحيل علينا ألا نلاحظ وجود قدر هائل من التوازن والتصميم الفعالين ومن الجلي للغاية أن القوى الأساسية في الكون قد خلقت بطريقة خاصة جداً وبقدر عظيم من الحكمة والقوة ولا يلجأ أولئك الذين يرفضون الإيمان بالله إلى أكثر من الادعاء بأن كل هذه الأشياء قد نشأت نتيجة ''مصادفات'' ومع ذلك، فإن الحسابات العلمية للاحتمالات تضع ''صفرًا'' لاحتمال نشوء التوازنات الموجودة في الكون ''بالمصادفة'' وتعتبر كل هذه الأشياء أدلة واضحة على وجود الله وكمال خلقه قال الله تعالى : (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ) سورة الأنعام: 80 . الفراغ داخل الذرة كما ذكرنا آنفاً، يتكون الجزء العظيم من الذرة من الفراغ· وهذا يدعو الجميع إلى التفكير في السؤال نفسه: لماذا يوجد مثل هذا الفراغ؟ دعونا نفكر تتكون الذرة، بتعبيرات بسيطة، من نواة تدور حولها إلكترونات، ولا يوجد شيء آخر بين النواة والإلكترونات وفي الواقع، تعتبر هذه المسافة الميكروسكوبية''التي لا يوجد فيها شيء'' مسافة كبيرة بالمقياس الذري ويمكننا أن نضرب مثلا على هذا المقياس على النحو التالي: إذا كانت رخامة صغيرة قطرها سنتيمتر واحد تمثل الإلكترون الأقرب إلى النواة، ستكون النواة على بعد كيلومتر واحد من هذه الرخامة(5)ويمكننا أن نستشهد بالمثال التالي لتوضيح هذا الحجم بشكل أكبر في أذهاننا: يوجد فراغ كبير بين الجسيمات الأساسية وإذا اعتبرتُ بروتون نواة ذرة الأكسجين هو رأس الدبوس الموجود على الطاولة أمامي، فسيرسم الإلكترون الذي يدور حوله دائرة تمر بهولندا وألمانيا وأسبانيا (يعيش كاتب هذه السطور في فرنسا) ومن ثم، إذا تجمعت كل الذرات المكونة لجسدي معاً بحيث أصبحت متقاربة إلى حد تستطيع معه ملامسة بعضها البعض، لن تتمكن من رؤيتي أبداً وفي الواقع، لن تتمكن أبداً من رؤيتي بالعين المجردة، لأنني سأكون آنذاك في صغر جسيم الغبار الدقيق الذي يبلغ حجمه بضع أجزاء من ألف جزء من المليمتر''·18وعند هذه النقطة، ندرك أن هناك تشابها بين أكبر الفراغات المعروفة في الكون وأصغرها فعندما ندير أعيننا نحو النجوم، نرى مرة أخرى فراغاً مشابها للفراغ الموجود في الذرات، إلا أن الفراغات الموجودة بين النجوم وبين المجرات تبلغ بلايين الكيلومترات· ومع ذلك، يسود في كلا هذين النوعين من الفراغات نظام يتخطى حدود فهم العقل البشري. في الرسم البياني على الجهة اليسرى، ترى أربعة أنواع مختلفة من مدارات الإلكترونات، حسب الحركة الموجية. وتتحرك الإلكترونات في المدارات بالطريقة نفسها تقريبا التي تتحرك بها الكواكب حول الشمس حسب خواص جسيماتها. وتحول حركات الإلكترونات المختلفة هذه دون رؤيتها بوضوح داخل الذرة البروتونات والنيوترونات كان يُعتقد، حتى عام ،1932 أن النواة تتكون فقط من البروتونات والإلكترونات واكتشف بعد ذلك أن ما يوجد في النواة إلى جانب البروتونات ليس إلكترونات بل نيوترونات (أثبت العالم الشهير تشادويكChadwick في عام 1932 وجود النيوترونات داخل النواة وحصل على جائزة نوبل عن اكتشافه هذا) وهكذا لم تتعرف البشرية على التركيب الحقيقي للذرة حتى هذا التاريخ القريب لقد ذكرنا من قبل مدى صغر نواة الذرة ويبلغ حجم البروتون القادر على أن يُوَجد داخل النواة الذرية 10-15 متراًَ. وقد تعتقد أن مثل هذا الجسيم الصغير ليس له أي مغزى في حياة المرء ومع ذلك، فإن هذه الجسيمات التي تعد من الصغر بمكان بحيث لا يمكن للعقل البشري أن يدركها هي التي تشكل أساس كل شيء تراه حولك. مصدر التنوع في الكون لقد تم تحديد 109 عناصر حتى الآن وتجدر الإشارة إلى أن الكون كله، وأرضنا، وجميع الكائنات الحية وغير الحية تتكون نتيجة ترتيب المائة والتسعة عناصر هذه في اتحادات متنوعة وقد رأينا، حتى هذا الحد، أن جميع العناصر مؤلفة من ذرات تشبه بعضها البعض وتتألف، بدورها من الجسيمات نفسها ولكن، إذا كانت جميع الذرات التي تتكون منها العناصر مؤلفة من الجسيمات نفسها، فما الذي يجعل العناصر تختلف عن بعضها البعض ويتسبب في تكوين مواد متنوعة لا حدود لها؟ إن عدد البروتونات في نوى الذرات هو الذي يفرق أساساً بين العناصر إذ يوجد بروتون واحد في ذرة الهيدروجين، أخف العناصر، وبروتونان في ذرة الهليوم، ثاني أخف العناصر، و79 بروتونا في ذرة الذهب، و8 بروتونات في ذرة الأكسجين، و26 بروتوناً في ذرة الحديد ومن ثم، فإن ما يفرق الذهب عن الحديد والحديد عن الأكسجين ببساطة هو اختلاف أعداد البروتونات في ذراتها ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الهواء الذي نتنفسه وأجسادناً والنباتات والحيوانات والكواكب في الفضاء والأشياء الحية وغير الحية والمر والحلو والصلب والسائل وكل شيء في هذا الكون ··· يتألف في النهاية من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. الخط الفاصل للوجود المادي: الكواركات حتى 20 عاما مضت، كان الاعتقاد السائد أن أصغر الجسيمات التي تتألف منها الذرات هي البروتونات والنيوترونات ولكن اكتُشف، في وقت قريب جداً، أن في الذرة جسيمات أصغر بكثير تقوم بتكوين الجسيمات المذكورة آنفا وقد أدى هذا الاكتشاف إلى ظهور فرع في الفيزياء يسمى '' فيزياء الجسيمات''Particle Physics'' يبحث في ''الجسيمات دون الذرية''sub-particles'' الموجودة داخل الذرة وحركاتها المحددة وقد كشفت البحوث التي أجريت في فيزياء الجسيمات أن البروتونات والنيوترونات التي تتألف منها الذرة تتكون فعلياً من جسيمات دون ذرية تسمى ''الكواركات"''quarks'' ولا بد أن نذكر هنا أن أبعاد الكواركات المكونة للبروتون، الذي يتخطى في صغر حجمه كـل قـدرات العـقـل البشـري علـى التخـيل، تثـير قـدرا أكـبر مـن الدهـشـة:10-18 (0,000000000000000001) متراً ولا يمكن أبداً للكواركات الموجودة داخل البروتونات أن تنفصل عن بعضها البعض لمسافات كبيرة جداً لأن ''القوة النووية الشديدة'' المسؤولة عن المحافظة على تماسك الجسيمات داخل النواة تمتد فعاليتها إلى هناك أيضاً، إذ تعمل هذه القوة كشريط مطاطي بين الكواركات؛ فكلما زادت المسافة بين الكواركات، زادت أيضا هذه القوة بحيث لا يستطيع أي كواركين أن يبتعدا عن بعضهما البعض لأكثر من جزء من كوادريليون جزء من المتر وتتكون هذه الشرائط المطاطية بين الكواركات بواسطة جلووناتgluons تمتلك القوة النووية الشديدة ويوجد تفاعل قوي جداً بين الكواركات والجلوونات ومع ذلك، لم يتمكن العلماء حتى الآن من اكتشاف كيفية حدوث هذا التفاعل وهناك بحوث يتم إجراؤها حاليا في مجال ''فيزياء الجسيمات'' للكشف عن عالم الجسيمات دون الذرية ولكن، على الرغم من كل الذكاء، والوعي، والمعرفة الموجودة لدى البشرية، فإننا لم نتمكن إلا مؤخراً من اكتشاف الجسيمات الأساسية الحقيقية التي تكون كل شيء، بما في ذلك أنفسنا· وفضلا عن ذلك، كلما نقبنا في هذه الجسيمات، زادت التفاصيل المرتبطة بهذا الموضوع، مما يضعنا في موقف حرج عند حدود أبعاد الكواركات التي تبلغ 10-18 مترا إذن، ما الذي يوجد وراء هذه الحدود؟ يقترح العلماء اليوم فرضيات متنوعة لهذا الموضوع، ولكن كما ذكرنا آنفا، يعتبر هذا الحد أبعد مرحلة تم التوصل إليها حتى الآن في الكون المادي ولا يمكن التعبير عن كل الأشياء الموجودة وراء هذه النقطة إلا بوصفها طاقة، وليست مادة ولكن النقطة المهمة فعلا هي أن الإنسان يجد، في موقع لم يتمكن من اكتشافه إلا في وقت قريب جداً، رغم كل الوسائل التكنولوجية الموجودة تحت تصرفه، توازنات وقوانين فيزيائية هائلة تعمل فعلياً مثل الساعة وعلاوة على ذلك، يوجد هذا الموقع داخل الذرة، التي تشكل وحدة بناء كل المادة الموجودة في الكون، والبشر كذلك لقد بدأ الإنسان في وقت قريب جداً في التعرف على الآلية المتقنة التي تعمل دون توقف في أعضاء جسمه وأجهزته وهو لم يكتشف آليات الخلايا المكونة لهذه التركيبات إلا منذ بضعة عقود فقط ولكن الخلق الفائق الجلي في الذرات الموجودة في أساس الخلايا، والبروتونات والنيوترونات داخل الذرات، والكواركات داخل هذه الجسيمات يصل إلى درجة من الإتقان تثير ذهول الجميع، سواء كانوا من المؤمنين بالله أم من غير المؤمنين به وتتمثل النقطة الأساسية التي يجب التأمل فيها هنا في أن كل هذه الآليات المتقنة تعمل بطريقة منتظمة في كل ثانية طوال حياة الإنسان، دون أي تدخل منه، ودون أن تخضع لسيطرته بتاتاً ومن الحقائق البديهية لكل من يستخدم ضميره وحكمته أن كل هذه الآليات قد خلقها الله سبحانه وتعالى، مالك القوة والعلم الفائقين، وأنها خاضعة له) يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(سورة الرحمن: 29-30 الجانب الآخر من الذرات الإلكترونات الإلكترونات هي جسيمات تدور حول نواة الذرة مثلما تدور الأرض حول محورها وحول الشمس أيضا وتحدث عملية الدوران هذه، الشبيهة بتلك التي تقوم بها الكواكب، بشكل متواصل وبطريقة متقنة في مسارات تسمى المدارات ولكن التناسب بين حجم الأرض والشمس مختلف تماماً عن المقياس الذري فلنعقد مقارنة بين حجم الإلكترونات وحجم الأرض إذا قمنا بتكبير الذرة حتى تصل إلى حجم الأرض، سيكون الإلكترون في حجم التفاحة(6) إن عشرات الإلكترونات التي تدور في مساحة من الصغر بمكان بحيث تتعذر رؤيتها حتى باستخدام أقوى الميكروسكوبات تتسبب في حركة مرور معقدة جداً داخل الذرة ومن أكثر النقاط اللافتة للنظر هنا أن هذه الإلكترونات المحيطة بالذرة مثل درع من الشحنات الكهربائية لا تتعرض ولو لحادثة صغيرة وفي الواقع، فإن أي حادث صغير داخل الذرة من شأنه أن يتسبب في حدوث كارثة بالنسبة إليها ومع ذلك، لا يحدث مثل هذا الحادث مطلقاً، وتسير العملية بأكملها دون أخطاء ذلك أن الإلكترونات التي تدور حول النواة بسرعة مربكة للعقل تبلغ 1,000 كم/الثانية لا تتصادم أبدا ببعضها البعض ومن المدهش حقا أن هذه الإلكترونات، التي لا تختلف عن بعضها البعض في شيء، تدور في مدارات منفصلة، ومن الواضح أن ذلك نتيجة ''خَلْق واع'' فلو كانت لهذه الإلكترونات كتل وسرعات مختلفة، فربما كان من الطبيعي بالنسبة إليها أن تستقر في مدارات مختلفة حول النواة فعلى سبيل المثال، تسير الكواكب في نظامنا الشمسي وفقا لهذا المنطق، لأن من الطبيعي أن تستقر الكواكب ذات الكتل والسرعات المختلفة تماماً في مدارات مختلفة حول الشمس ولكن وضع الإلكترونات في الذرة مختلف تماماً عن وضع تلك الكواكب فالإلكترونات متشابهة تماماً ولكنها تدور في مدارات مختلفة حول النواة، ولكن كيف تتبع الإلكترونات هذه المسارات دون إخفاق؟ وكيف لا تصطدم ببعضها البعض على الرغم من أبعادها متناهية الصغر وسرعاتها المدهشة التي تتحرك بها؟ وتقودنا هذه الأسئلة إلى نقطة واحدة: تتجسد الحقيقة الوحيدة التي نواجهها في هذا النظام الفريد والتوازن الدقيق في الخلق المتقن الذي أبدعه الله سبحانه وتعالى(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)سورة الحشر: 24. الإلكترونات هي جسيمات صغيرة تبلغ تقريبا جُزأَين من الألف من حجم النيوترونات والبروتونات وتحتوي الذرة على العدد نفسه من الإلكترونات والبروتونات، ويحمل كل إلكترون شحنة سالبة (-) تساوي الشحنة الموجبة (+) التي يحملها كل بروتون ويؤدي إجمالي الشحنات الموجبة (+) في النواة وإجمالي الشحنات السالبة (-) في الإلكترونات إلى إلغاء بعضها البعض فتصبح النواة متعادلة الشحنة وتقوم الشحنة الكهربائية التي تحملها الإلكترونات بإجبارها على إتباع قوانين فيزيائية معينة ويتمثل أحد القوانين الفيزيائية هذه في أن ''الشحنات الكهربائية المتشابهة تتنافر عن بعضها البعض والشحنات المتضادة تجذب بعضها البعض" . أولاً،في الظروف الاعتيادية، يتوقع من الإلكترونات، سالبة الشحنة، أن تتنافر عن بعضها البعض وفقا لهذه القاعدة وأن تنطلق بعيداً عن النواة ولكن هذا لا يحدث ذلك أنه إذا تناثرت الإلكترونات بعيدًا عن النواة، فسيتألف الكون من بروتونات، ونيوترونات، وإلكترونات عاطلة تجوب الفراغ ثانيا، يتوقع من النواة موجبة الشحنة أن تجذب الإلكترونات سالبة الشحنة، ومن ثم تلتصق الإلكترونات بالنواة وفي هذه الحالة، ستجذب النواة جميع الإلكترونات وتنفجر الذرة إلى الداخل ومع ذلك، لا يحدث أي من تلك الأشياء ذلك أن سرعات الإفلات غير العادية للإلكترونات المذكورة آنفا (1,000كم/ الثانية)، والقوة التنافرية التي تؤثر بها على بعضها البعض، وقوة الجذب التي تؤثر بها النواة على الإلكترونات مبنية على قيم دقيقة جداً تؤدي إلى توازن هذه القوى الثلاث المتضادة مع بعضها البعض بشكل متقن ونتيجة لذلك، يعمل هذا النظام المدهش الموجود داخل الذرة دون أن ينهار ولو كانت واحدة فقط من هذه القوى المؤثرة في الذرة أشد أو أضعف قليلاً مما يجب أن تكون عليه، لما كان للذرة أي وجود وبالإضافة إلى هذه العوامل، فلو لم يكن هناك وجود للقوى النووية التي تربط البروتونات والنيوترونات ببعضها البعض، لما تسنى حتى للبروتونات التي تحمل شحنات متساوية أن تقترب من بعضها البعض، ناهيك عن الارتباط ببعضها البعض داخل نواة وبنفس الطريقة، لما تمكنت النيوترونات أبدا من الالتصاق بالنواة ونتيجة لذلك، لما كانت هناك أية نواة، وبالتالي، أية ذرة وتشير كل هذه الحسابات الدقيقة إلى أنه حتى الذرة الواحدة ليست عاطلة بل تتصرف تحت سيطرة كاملة من الله سبحانه وتعالى ولو لم تكن الحال كذلك، لكان من الحتمي أن ينتهي الكون الذي نعيش فيه قبل أن يبدأ وكانت هذه العملية ستأتي بنتائج عكسية منذ البداية ولم يكن الكون ليتكون ومع ذلك، فقد وضع الله، خالق كل شيء، المقتدر القوي، توازنات دقيقة جدا داخل الذرة - شأنها شأن كل التوازنات الأخرى في الكون - ما زالت الذرة بفضلها مستمرة في الوجود بنظام متقن لقد بذل العلماء أقصى جهودهم على مدى السنين لإيجاد حل لسر هذا التوازن الذي وضعه الله، وقد انتهوا إلى مجرد تحديد مسميات معينة لظواهر مرصودة مثل ''القوة الكهرومغناطيسية''، و''القوة النووية الشديدة''، و''القوة النووية الضعيفة''، و''قوة جذب الكتل'' ··· ولكن لم يفكر أي أحد في السؤال ''لماذا؟'' ··· لماذا تعمل هذه القوى عند شِدّات معينة وفقا لقواعد معينة؟ لماذا يوجد كل هذا التوافق الكبير بين هذه المجالات التي تخضع لهذه القوى، وشِدّاتها، والقواعد التي تتبعها؟ لقد أصيب العلماء باليأس في مواجهة كل هذه الأسئلة لأن كل ما يستطيعون فعله هو تخمين الترتيب الذي جرت به هذه الأحداث ومع ذلك، فقد نشأت عن بحوثهم حقيقة غير قابلة للجدال ألا وهي: إن كل نقطة في الكون تكشف عن تدخل مالك الحكمة والإرادة الذي لا يترك حتى ذرة واحدة عاطلة وتوجد قوة واحدة تبقي كل القوى مع بعضها البعض في توافق، وهذه القوة هي الله سبحانه وتعالى، مالك كل القدرة والقوة ويبدي الله قوته أينما يشاء ووقتما يشاء وهكذا، فإن بقاء الكون كله في الوجود، من أصغر الذرات إلى المجرات اللانهائية، مرهون فقط بمشيئة الله وحفظه ويقول الله في محكم آياته إنه لا قوة غير قوته، ويبين عقاب أولئك الذين يفترضون، دون إدراك لهذا، أن مخلوقات الله التي لا حول لها ولا قوة (سواء كانت حية أو غير حية) تمتلك من دونه قوة وقدرة ذاتية، وينسبون لها صفات إلهية(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) سورة البقرة: 165. وحتى الآن، لم يستطع أي عالم أن يفسر سبب القوى الموجودة في الذرة ومصدرها، ومن ثم تلك الموجودة في الكون، والسبب في أن بعض القوى تعمل في ظروف معينة ولا يفعل العلم شيئا غير تسجيل الملاحظات، والقياسات، وتعيين ''أسماء'' لها وتعد مثل هذه ''التسميات'' اكتشافات عظيمة في دنيا العلوم وفي الواقع، إن ما يقوم به العلماء ليس محاولة لتكوين توازن جديد في الكون أو بناء نظام جديد وإنما هو مجرد جهد لفهم سر التوازن الجلي في الكون وتوضيحه وإن ما يفعله هؤلاء العلماء في الغالب هو مجرد رصد لواحدة من عجائب خلق الله في الكون، التي لا حصر لها، وتعيين اسم لها ويحصل العلماء الذين يكتشفون نظاما أو تركيبا فائقا من خلق الله على جوائز علمية متنوعة، ويحظون باحترام الآخرين وإعجابهم وفي هذه الحالة، فإن من يستحق الاحترام حقا هو، بلا شك، الله الرحمن الرحيم، الذي أوجد هذا النظام حينما كان عدما، وزوده بتوازنات بالغة الدقة، الله الذي يخلق معجزات غير عادية ولا نهاية لها(إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) سورة يونس: ·6. | |
|