مواصلة لسلسلة المواضيع التي تحمل اهمية بالغة للعمارة والجوانب التي تعنى بها والعوامل المؤثرة فيها ولكون منطقتنا منطقة ادرار منطقة معروفة بدرجة الحرارة خاصة في فصل الصيف كان لبد من الحديث عن العلاقة بين العمارة والبيئة والشروط التي يمكن توفرها في تصميماتنا المعمارية .
العلاقة بين العمارة والبيئة
وهنا العلاقة تتمثبل فيما يُسمى بتقنية البناء، وهو كل ما يتصل بالبناء من تطبيقات من خلال التعامل بالعناصر البيئية المتنوعة التالية
:
1- المناخ:
والمناخ ينقسم إلى قسمين:
أ- حرارة ما فوق سطح الأرض:
وهى الحرارة الناتجة عن أشعة الشمس، فالحرارة تبلغ أقصاها فى فترة الظهر حتى الساعة الثالثة عصراً. وبغروب الشمس تبدأ درجات الحرارة فى الانخفاض وتظل فى الهبوط حتى ما قبل منتصف الليل والتى تصعد قليلاً حينها لانبعاث الحرارة الكامنة فى الأرض من حرارة النهار ثم تثبت ما قبل الفجر.
وهذا السلوك الحرارى ينطبق على نقطة قياسها سطح الأرض أو أعلاه، ويلاحظ الفرق الكبير فى درجات الحرارة ما بين سطح الأرض وفوقها بمترين أو أكثر من ذلك حتى ولو كان مائة متراً فوق سطح الأرض.
وكل ذلك ينعكس على الأبنية .. وهذا يفسر ويعلل عدم سكنى الكثير فى الأدوار الأرضية.
ب- حرارة باطن الأرض:
حيث وُجد الفارق بين درجات الحرارة فى الشتاء والصيف .. أو بين الليل والنهار (مقاسة على سطح الأرض) تقل كلما اتجهنا للعمق حتى نصل إلى ما يسمى بـ"الثابت الحرارى" حيث لا يوجد فارق بين درجات الحرارة فى الشتاء والصيف. لذا اتجه التفكير بالبناء تحت سطح الأرض وهذا ما حدث بالفعل فى المبنى الرئيسى لمنظمة اليونسكو ذو الأربع طوابق والموجود تحت
الأرض فى باريس .. وغيرها من الأمثلة الأخرى.
2- الطاقة:
أثناء مراحل البناء يم استخدام كثير من الطاقة ومصدرها الأساسى هو الشمس. ما تصدره الشمس يصل إلينا فى طبقة البيوسفير بالتوزيع التالى:
- 20% يرتد بسبب السحب.
- 25% يتشتت فى الهواء.
- 5% يرتد من سطح الأرض.
- 23% ينتشر على سطح الأرض.
- 27% يتم اختزانه فى باطن الأرض.
واكتساب الحرارة المنبعثة من الشمس يتم بواسطة عدة عوامل:
أ- مورفولوجية الأرض:
فالأرض المائلة فى اتجاه الشمس تكتسب طاقة أكبر من الأرض المائلة فى الاتجاه العكسى.
ب- توجيه المبانى:
ويُقصد بتوجيه المبنى هنا ناحية الشمال أو الجنوب أو نحو الشرق أو الغرب. والتوجيه هنا يُقصد به أن الواجهة الأكبر من المبنى تكون نحو أحد الاتجاهات الأصلية الأربعة، فلوكانت الواجهة الأكبر من المبانى موجهة ناحية شروق الشمس فلا شك أنها تكتسب حرارتها الصباحية حتى تحول الشمس نحو الغرب فى النصف الثانى من النهار وتكتسب الواجهة الغربية حرارة الشمس فى تلك الفترة.
ج- التشكيل الكتلى للمبانى:
المكعب من المبنى المنفرد يكتسب الحرارة المحيطة من خلال خمسة أوجه، اما إذا تلاصقت نظرياً مجموعة من ثمانية مكعبات فإن الأسطح المعرضة للاكتساب الحرارى يصل عددها إلى عشرين. وعلى هذا فإن تلاصق المبانى أو اقترابها من بعض بحيث يظلل أحدهما على الآخر يساعد على التقليل من الاكتساب الحرارى.
د- التصميم:
وتتمثل فى القدرة التصميمية على توفير فناء (مساحة فضاء) يتوسط المبنى لأن هذا الفناء يعمل على تخزين هواء الليل البارد كى يُستخدم أثناء النهار. ويتحدد شكل الفناء بناءاً على البعد من خط الاستواء .. فكلما اقترب منه زاد ارتفاعه وقل مسطحه الأفقى .. وكلما بَعُد عنه قل ارتفاعه وزاد مسطحه الأفقى.
فى الليل: يتخلص المبنى من الحرارة المكتسبة نهاراً، وفى نفس الوقت يهبط الهواء البارد إلى الفناء ويملأه.
فى النهار: يعود المبنى ليكتسب حرارة النهار من خلال حوائطه وأسقفه، فى الوقت الذى يحافظ فراغ الفناء على محتواه من الهواء البارد. يتسرب الهواء البارد من فتحات المبنى المطلة على الفناء ويملأ فراغاته الداخلية.
3- مواد البناء:
مادة البناء من العوامل التى تشترك مع العوامل السابقة على تأكيد قدرة الأبنية فى الاحتفاظ بالحرارة أو منع اكتسابها من البيئة المحيطة. فمواد البناء لديها من الخواص الحرارية التى تعوق أو تؤخر وصول الحرارة من الخارج إلى الداخل وهذا يعتمد على تكوينها وسمكها، بالإضافة إلى ملمس سطحها ولونها.
فالسطح الخشن له من الخصائص التى تساعد على رد الأشعة الحرارية. وأشعة الشمس الساقطة على أى مادة يرتد منها جزء والجزء الآخر تستوعبه المادة داخلها .. ونجد أن الجليد يرد معظم الأشعة الساقطة ويستوعب جزء قليل جداً والأسفلت بعكس الجليد يستوعب معظم الطاقة الساقطة عليه ويرد البسيط منها.
وتسمى نسبة المردود إلى الساقط من الأشعة بـ"ألبيدو".
فألبيدو سطح مرآة يساوى نظرياً واحد صحيح، 0.9 لسطح من الثلج،0.4 لسطح رملى جاف، 0.5 لسطح أسفلت أو سطح ماء ساكن .